الميلاد و النشأة:
وُلد "علي عدنان إرتكين مندريس" بمدينة "أيدن" التركية سنة 1899 في سن الرابعة من عمره فقد الطفل علي عدنان والديه ، لينتقل بعدها ل "أزمير" مع أخته "مليكة" للعيش عند جدته لكن القدر فاجأَه مرةً أخرى بوفاة أخته، ليعيش الطفل "علي عدنان" طفولته و شبابه وحيداً. إلتحق "مندريس" بالجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى و سرح بعد خسارة العثمانيين للحرب ، و ليعود بعدها لجيش التحرير عام 1919 لمحاربة القوات اليونانية بقيادة "مصطفى كمال اتاتورك" و ليحقق رفقتهم نصرا عضيما ضد اليونانيين.
مساره السياسي:
في عام 1931 بدأ "عدنان مندريس" حياته السياسية بإنضمامه للحزب "الجمهوري الليبيرالي" الذي سرعان ما تم حله لينظم بعدها لحزب "الشعب الجمهوري" الحاكم أيامها و أُنتخب نائبا في البرلمان التركي ، في العام 1945 إنشق مندريس عن حزب الشعب و أسس رفقة كل من "جلال بيار" و "رفيق كورالتان" و "فؤاد كوبرولو" الحزب "الديموقراطي التركي" ، دخل الحزب الفتي أول معركة انتخابية له العام 1946 في أول إنتخابات تشريعية في تاريخ الجمهورية التركية و لم يحقق سوى 62 مقعدا ، لم يثني ذلك مندريس عن هدفه و عاد للمعركة الإنتخابية سنة 1950 ولكن هاته المرة كانت بتقديم خطاب جديد ، فقد كانت ابرز وعود الحزب تتمثل في: زيادة مساحة الحريات سياسيا و رفع تدخل الدولة في المؤسسات الخاصة اقتصاديا ووعد باحترام حرية الدين و المعتقد و خاصة الدين الإسلامي ، الذي كان أيامها يعتبر عدو قيام الدولة التركية العلمانية و سببا في تخلفها فقد سن "مصطفى كمال اتاتورك" قوانين ابعدت الإسلام عن الحكم و المجتمع نهائيا و كانت ابرز تلك القوانين هي اقفال كل المدارس الدينية و تغيير الكتابة من الأحرف العربية الى اللاتينية و جعل الآذان باللغة التركية بدل العربية ، كانت وعود مندريس بإعادة النظر في كل هذا.
"عدنان مندريس رفقة أعضاء حزب الجمهوري"
و لتأتي نتائج وعود الرجل و برنامجه الإنتخابي بإكتساحه لإنتخابات عام 1950 و انتخاب "جلال بيار" أول رئيس مدني للجمهورية التركية و بدأ رفقة رئيس وزرائه "عدنان مندريس" عجلة التنمية في تركيا و كان دائما يؤكد في خطاباته على ان السلطة من حق الشعب، مواصلا وعوده بتغيير وجه تركيا الإقتصادي بسن قوانين جديدة زادت من إنفتاح البلد إقتصاديا ، و على الجانب الآخر وفى مندريس بوعوده و أعاد فتح المدارس الدينية وأعاد انعاشها من جديد و لأول مرة منذ سنوات عاد صوت الآذان للغلة العربية في تركيا ، ليسجد الناس في الشوارع عند سماعهم ل التكبيرات بالعربية بعد منعها في مشهد مهيب اشتاق له الشعب التركي ، ليتم بعد إعادة انتخابه العام 1954 و واصل الحزب برنامجه التنموي الذي كانت نتائجه تظهر سريعا فشُقت الطرق و بنيت السدود و أدخلت التكنولوجيا للزراعة ، كانت كل الأمور تسير على نحو جيد.
لكن و رغم كل ذلك ارتكبت بعض الأخطاء التي ستكون سببا في إسقاط الحزب الديمقراطي التركي فقد بدأ الحزب يتفرد بالحكم و يحاول اقصاء كل أنواع المعارضة من حوله و هذا ما أثار امتعاض الكتلة السياسية في تركيا و بدأت بعدها حملات الاعتقال ضد المعارضين و لتصل حد القبض على ضباط في الجيش بتهم التآمر على نظام الحكم و محاولة قلبه الأمر الذي أثار المؤسسة العسكربة ، وكانت القوى العلمانية المعارضة بقيادة "عصمت اينونو" تشحد قواها لمواجهة الحزب الحاكم و بعد خطاب هذا الأخير في البرلمان التركي الذي قال فيه أن الحزب الحاكم يسير بالشكل الخاطئ مطالبا الجيش بالتدخل و إنقاذ الديمقراطية على حد وصفه.
نهاية مندريس
بعد كل ما حدث من اظرابات سياسية و اجتماعية في تركيا كانت كل الأمور جاهزة لحدوث إنقلاب عسكري ينهي كل ذلك ، و في 27 من ماي العام 1960 تدخل الجيش بقيادة "ألب أرسلان تركش" و أعلن عن سيطرة الجيش على الحكم و اعتقال كل من "عندنان مندريس" و "جلال بيار" رئيس الجمهورية و عدد من وزراء الحكومة و كانت التهم تتمثل في محاول مندريس الانقلاب على النظام العلماني و تحويل تركيا لدولة دينية و ارجاعها لنظام الخلافة الإسلامية و بذلك شهدت تركيا أول انقلاب لها منذ نشأة الجمهورية التركية.
بعد توجبه تهم الخيانة العظمى و محاولة قلب نظام الحكم لمندريس حكم عليه بالإعدام رفقة عدد من وزاراءه و حكم على رئيس الجمهورية "جلال بيار" بالسجن المؤبد.
و في يوم 17 سبتمبر من عام 1961 نفذ قرار الإعدام في مندريس و تم دفنه في جزيرة نائية ، لم يكن أحد في تركيا يصدق ذلك و هذا ما صدم المجتمع التركي و أدخله في حالة من الحزن لكن لم يكن أحد قادرا على التظاهر احتجاجا على اعدام مندريس فإكتفى الشعب بحزنه دون أي شكل من أشكال التعبير لتتحول بعدها تركيا الى دولة انقلابيين كان آخرها محاولة انقلاب سنة 2017 باءت بالفشل و بقيت ذكرى مندريس في قلوب الأتراك و المسلمين جميعا فقد كان الرجل "شهيدا للأذان".